الإمام الشافعي

هُوَ حَبْرُ الْأُمَّةِ وَسُلْطَانُ الْأَئِمَّةِ مُحَمَّدٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ إدْرِيس بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ شَافِعِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ جَدِّ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.  وَشَافِعُ بْنُ السَّائِبِ هُوَ الَّذِي يُنْسَبُ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ. وُلِدَ – رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ – بِغَزَّةَ سنةسَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ، السنة التي توفي فيها الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان. ثُمَّ حُمِلَ إلَى مَكَّةَ وَهُوَ ابْنُ سَنَتَيْنِ وَنَشَأَ بِهَا، وَحَفِظَ الْقُرْآنَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ، وَالْمُوَطَّأَ وَهُوَ ابْنُ عَشْرٍ، وَتَفَقَّهَ عَلَى مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ الزِّنْجِيِّ ،وَأُذِنَ لَهُ فِي الْإِفْتَاءِ وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مَعَ أَنَّهُ نَشَأَ يَتِيمًا فِي حِجْرِ أُمِّهِ فِي قِلَّةٍ مِنْ الْعَيْشِ وَضِيقِ حَالٍ،

ثُمَّ رَحَلَ إلَى مَالِكٍ بِالْمَدِينَةِ وَلَازَمَهُ مُدَّةً، ثُمَّ قَدِمَ بَغْدَادَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ (١٩٥ه‍) فَأَقَامَ بِهَا سَنَتَيْنِ وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ عُلَمَاؤُهَا، وَرَجَعَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ عَنْ مَذَاهِبَ كَانُوا عَلَيْهَا إلَى مَذْهَبِهِ، وَصَنَّفَ بِهَا كِتَابَهُ الْقَدِيم” كتاب الحجة”، ثُمَّ عَادَ إلَى مَكَّةَ فَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً ثُمَّ عَادَ إلَى بَغْدَادَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ (١٩٨ه‍) فَأَقَامَ بِهَا شَهْرًا، ثُمَّ خَرَجَ إلَى مِصْرَ  سنة ١٩٩ه‍. فَلَمْ يَزَلْ بِهَا نَاشِرًا لِلْعِلْمِ مُلَازِمًا لِلِاشْتِغَالِ بِجَامِعِهَا الْعَتِيقِ إلَى أَنْ أَصَابَتْهُ ضَرْبَةٌ شَدِيدَةٌ فَمَرِضَ بِسَبَبِهَا أَيَّامًا  ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى رَحْمَةِ اللَّهِ – تَعَالَى – وَهُوَ قُطْبُ الْوُجُودِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَلَخَ رَجَبَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَتَيْنِ (٢٠٤ه‍.)، وَدُفِنَ بِالْقَرَافَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِهِ.

وَانْتَشَرَ عِلْمُهُ فِي جَمِيعِ الْآفَاقِ، وَتَقَدَّمَ عَلَى الْأَئِمَّةِ فِي الْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ، فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَأَوَّلُ مَنْ قَرَّرَ نَاسِخَ الْأَحَادِيثِ وَمَنْسُوخَهَا، وَأَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ فِي أَبْوَابٍ كَثِيرَةٍ مِنْ الْفِقْهِ مَعْرُوفَةٍ، وَعَلَيْهِ حُمِلَ الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ «عَالِمُ قُرَيْشٍ يَمْلَأُ الْأَرْضَ عِلْمًا» وَمَعَ هَذَا قَالَ: وَدِدْتُ أَنْ لَوْ أُخِذَ عَنِّي هَذَا الْعِلْمُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْسَبَ إلَيَّ مِنْهُ شَيْءٌ. وَكَانَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – مُجَابَ الدَّعْوَةِ لَا تُعْرَفُ لَهُ كَبِيرَةٌ وَلَا صَغِيرَةٌ.

وَقَدْ أَفْرَدَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فِي فَضْلِهِ وَكَرَمِهِ وَنَسَبِهِ وَأَشْعَارِهِ كُتُبًا مَشْهُورَةً، وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ تَذْكِرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ.

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Scroll to Top